اللعبة الكبرى: لحمة حلال للكاميرا… وغسيل أموال خلف الستار!
في مشهد عبقري من فيلم “ظرف طارق”، يسأل خالد الصاوي الفنانة عن أحمد حلمي، فترد: “هو في إجازة… وهو موجود.” يبدو أننا نعيش نفس المشهد بعبثية أكبر، لكن بتفاصيل حقيقة تجعل ضمير أمريكا في إجازة طويلة، حاضر في كل مكان، لكن لا أحد يراه!
⸻ بداية المشهد: السبيكة الذهبية… واللحم الحلال!
السيناتور ليندسي غراهام، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس، لم يكن مجرد رجل سياسة عادي. في مارس 2025، تم توقيفه على خلفية تهم فساد ورشاوى، أبرزها تلك السبيكة الذهبية التي “استلمها” من صاحب توكيل لحوم حلال يصدّر لمصر — رجل أعمال معروف لم تظهر بعد كامل تفاصيل علاقته بالغراهام. لكن القصة الحقيقية أغرب وأعمق بكثير: الحسابات المصرفية لغراهام تُظهر تحركات مالية ضخمة، يُشتبه في أنها غسيل أموال مرتبط بحرب أوكرانيا، مرورًا بدول شرق أوروبا، خصوصًا لاتفيا.
⸻ شهادة ضابط CIA ولاري جونسون: الكشف الذي صدم الجميع لاري جونسون، ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية (CIA)، كشف في برنامج “The Jimmy Dore Show” أن هناك أموالًا ضخمة تُغسل عبر لاتفيا وتودع في حسابات غراهام. قال جونسون حرفيًا: “هذه مبالغ ضخمة، ووزارة العدل الأمريكية تحقق الآن، والقضية خطيرة أكثر مما تتصورون.” لكن السؤال الذي يحير الجميع: لماذا هذه الشهادة تظهر الآن؟ وهل القانون الأمريكي لا يمنع الـCIA من العمل داخل الأراضي الأمريكية؟ وهل غراهام كان فعلاً في “إجازة” أم خلف القضبان؟
⸻ المسرحية الهزلية: المحكمة والاتهامات بحسب وثائق المحكمة الفيدرالية في واشنطن، غراهام محتجز احتياطيًا بتهم فساد وغسيل أموال، لكن التفاصيل ما زالت سرية. شهد بعض الحضور أن المحكمة لا تُعد أكثر من مسرحية دُبرت لتوجيهه إلى اتهامات أقل مع التزامه بالتعاون.
⸻ كمّ الخداع: المسرحية التي لا تُرى وراء الكواليس في عالم السياسة الأمريكية، حيث “حماية المبادئ” غالبًا ما تكون شعارًا فارغًا، تُحاك القصص التي تبرر الظلم. أولئك الذين من المفترض أن يكونوا حُراسًا للأخلاق والعدالة، يتحولون إلى أبطال قصص خيانة تمسّ الشفافية نفسها. غراهام، برغم ثرائه المعروف الذي لا يحتاج معه إلى “رشاوى” أو “سبيكة ذهب”، اختار أن يغوص في لعبة المال الحرام. لماذا؟
⸻ الحلال الذي صار بابًا للحرام لماذا “اللحم الحلال”؟ ربما لأنه واجهة بريئة تُخفي وراءها شبكة فساد مالية ضخمة، يُقال إنها تُستخدم لتبييض أموال الحرب في أوكرانيا عبر دول مثل لاتفيا. حين تُستخدم تجارة اللحوم الحلال، التي تعني الشريعة والنقاء في جوهرها، كواجهة لغسيل الأموال، فإن ذلك ليس مجرد فساد سياسي، بل استهزاء بالعقيدة والأخلاق.
⸻ لماذا فعلها؟ وهل يعقل أن يفعلها رجل غني؟ هذا هو اللغز. غراهام رجل ثري، بخلاف الغالبية العظمى من السياسيين الفاسدين، لكنه لم يكتفِ بالمال، بل أراد السلطة والتأثير على حساب المبادئ. وهذا يقودنا إلى أن القضية ليست فقط فساد مالي، بل خيانة للقيم، واستخدام الدين كغطاء، بينما الحقيقة تدور في فلك المال القذر.
⸻ خاتمة مرة: الأموال المسروقة وتمديد الحرب لكن الأمر لم يتوقف عند حد السرقة والفساد. الأموال التي سرقها غراهام من خلال هذه العمليات المظلمة لم تكن مجرد أموال تُودع في حسابات بنكية، بل كانت وقودًا لإطالة أمد الحرب الروسية-الأوكرانية، حرب أزهقت أرواح آلاف الضحايا من الطرفين، وأدت إلى موجات من اللاجئين، وزيادة في الأسعار التي تُرهق جيوب الناس العاديين حول العالم. الأمر لم يؤثر فقط على أوكرانيا وروسيا، بل امتد ليشمل قمعًا متزايدًا، وتقييدًا للسفر والدراسة، وكأن العالم كله سجّان كبير تحكمه مصالح الفساد والمال الحرام.
⸻ بينما الإعلام يلهث وراء سبيكة ذهب ولحمة حلال، ملايين الدولارات تغسل وتُموّل الحروب عبر قنوات معقدة، يغطيها ضباب السرية واللعب السياسي. وما زال ضمير أمريكا في إجازة، حاضر لكنه غير مرئي، والمواطن العادي هو الضحية التي تُضحى بها من أجل لعبة الكبار.